فمثل الكثيرين في الطفولة، حَلِمَ الاسكتلندي جوك ستين، بأن يصبح يومًا ما، لاعب كرة قدم محترف، مشهور، يعرفه الجميع، يلتف حوله الناس أينما ذهب، يحدثونه عن إبداعاته، ولمساته الفنية، وعن البطولات التي جلبها لهم.
كان مجرد التفكير في هذا الأمر يُبهج جوك، ولطالما كان يقول (ستين) لنفسه، إنَّ الأحلام تتحقق بالسعي، لا بالأماني فحسب، وعليَّ أن أكون كما أريد وأحب.
لم تكن كرة القدم بالنسبة له مجرَّد لعبة، بل أكثر من ذلك بكثير، فعلى المنضدة الموجودة في غرفته في مواجهة سريره، كان يضع كرة، وكانت أول ما يبحث عنه فور استيقاظه من نومه في كل صباح.
عشق (ستين) للكرة كان مبالغًا فيه، لدرجة لم يكن من السهل لعائلته، وأصدقائه استيعابها، كانت له كالماء، والهواء، والغذاء، هي الأمل، وسر الحياة، ومفتاح السعادة، يشعر بالأمان، وهو يداعبها، ولا يجد نفسه، إلا وهو في بلاط الساحرة المستديرة، في المستطيل الأخضر.

Video Player is loading.
ومن شدة شغفه بالكرة، كان يداعبه أصدقاؤه بين الحين والآخر بالقول له، وهم يتبادلون الضحكات (تحبها يا ستين، كما لو كانت صديقتك التي لا تستطيع العيش بدونها. لا تقلق لن تتركك. ستموت حتمًا بين أحضان محبوبتك يومًا ما).
وجاءت اللحظة التي لم يكن يريدها (ستين) أن تأتي، لحظة اعتزاله اللعب، بعد إصابة في الكاحل ألمت به، ولأنَّه لم يكن بإمكانه أن يبتعد عن الكرة أبدًا، كان قراره باستكمال مشواره داخل الملعب، ليس كلاعب وإنما كمدرب.

ومنذ اليوم الأول لستين في عالم التدريب، وهو يريد أن يترك بصمته في التاريخ الكروي، أن يحقق كل ما لم يحققه وهو لاعب. يريد أن يكون أسطورة، وأن يقود منتخب بلاده ذات يوم في كأس العالم، وكان على يقين بأنه سيحقق كل أمانيه؛ لأنه يعرف أن الكرة تُعطي لمن يقدرها ويحترمها.
وفي الفترة ما بين 1960، و1964، بدأ مسيرته بالإشراف على نادي رديف سيلتيك ثم دونفرملين وهيبرنيان الاسكتلنديان، وفي 1965 عاد ستين للعمل كمدير فني لسيلتيك، واستمر معهم 13 عامًا، صنع لهم فيه المجد، وحفر اسمه بحروف من ذهب، فما فعله كان مبهرًا وعظيمًا، فحقق الدوري الاسكتلندي 10 مرات، وكأس أسكتلندا 8 مرات وكأس الرابطة 6 مرات، وكأس أبطال أوروبا بمسماه القديم 1967.
وبعدها تحقق حلم (ستين) الثاني، فمن كان أقدر من أسطورة التدريب، وثاني أكثر مدرب تحقيقًا للألقاب في عالم الكرة (28 بطولة)، والمدرب الأعظم في تاريخ اسكتلندا، من تدريب منتخب بلاده في 1978.
وظل (ستين) يقود المنتخب حتى اليوم الفصل، في 1985، تحديدًا في 10 سبتمبر/أيلول من هذا العام، ذلك اليوم الذي انتظره لأعوام وتمناه، فالمنتخب الاسكتلندي يومها كان قاب قوسين، أو أدني من التأهل لكأس العالم 1986.
انتظروا باقي القصة في الحلقة الثانية

