بعد تتويجه بالدوري الأوروبي مع مانشستر يونايتد عام 2017، دافع جوزيه مورينيو بشدة عن النهج البراجماتي الذي عرّف مسيرته التدريبية، قائلاً: "هناك الكثير من الشعراء في كرة القدم، لكن الشعراء لا يفوزون بالعديد من الألقاب".
كان مورينيو يوضح حينها كيف تمكن فريقه من التفوق على أياكس الشاب والمثير.. مؤكدا: "إذا كنت تريد الضغط على الكرة طوال الوقت، فلا يمكنك اللعب بالتمريرات القصيرة، وإذا كنت مهيمنًا في الكرات الهوائية، فعليك البناء عبر الكرات الطويلة. كنا نعرف أين هم أفضل منا، وكنا نعرف أين نحن أفضل منهم. حاولنا قتل نقاط قوتهم واستغلال نقاط ضعفهم".

في ذلك الوقت، لم يكن أنجي بوستيكوجلو ولا روبن أموريم معروفين كثيرًا في عالم التدريب الأوروبي، لكنهما الآن أصبحا مثالًا واضحًا للفلسفات التكتيكية التي كان مورينيو يسخر منها.

هذان المدربان، اللذان ربما أطلق عليهما مورينيو لقب "الشعراء"، سيلتقيان يوم الأحد في مباراة كانت تُعتبر في السابق مواجهة كلاسيكية بين فرق النخبة في الدوري الإنجليزي، لا سيما عندما كان مورينيو مدربًا لأحد الفريقين.

لكن هذه المرة، ستُلعب المباراة بين فريقين يقتربان أكثر من مراكز الهبوط، حيث يحتل مانشستر يونايتد تحت قيادة أموريم المركز 13 وتوتنهام بقيادة بوستيكوجلو المركز 14، ضمن منافسات الجولة 25 من الدوري الإنجليزي الممتاز.

ومن المحتمل أن يكون أحدهما، إن لم يكن كلاهما، في منطقة الهبوط قبل انطلاق المباراة، وفقًا لنتائج إيفرتون ووست هام في مواجهاتهما.

ويبدو أن مانشستر يونايتد يسير نحو أسوأ مركز له في الدوري منذ عام 1990، بينما خسر توتنهام نصف مبارياته في الدوري لأول مرة في هذا الوقت من الموسم منذ آخر هبوط له عام 1977، ما أثار مخاوف من أن يواجه المصير ذاته.

Image

ومع ذلك، لا يبدو أن أيًا من المدربين مهدد بالإقالة رغم النتائج الكارثية وموقعهما المتدني في جدول الترتيب.

ربما يشعر مورينيو بالإحباط من هذه الحقيقة، خاصة أنه أُقيل من تدريب توتنهام في 2021 عندما كان الفريق في المركز السابع، وكذلك من مانشستر يونايتد في 2018 عندما كان في المركز السادس.

نهاية شهر العسل

لم يكن مورينيو محقًا تمامًا عندما قال إن الشعراء لا يفوزون بالألقاب، فقد حقق بوستيكوجلو عدة ألقاب دوري في أستراليا، وفاز بالدوري الياباني مع يوكوهاما إف مارينوس، ثم هيمن على الكرة الاسكتلندية مع سلتيك، محققًا 5 ألقاب من أصل 6 ممكنة في غضون عامين رائعين، حيث حصد 93 نقطة في موسمه الأول و99 نقطة في موسمه الثاني.

أما أموريم، فقد أثبت نفسه أيضًا كمدرب ناجح في البرتغال، حيث قاد سبورتينج لشبونة إلى أول لقب دوري له منذ 19 عامًا في 2021، ثم استعاد اللقب في 2024، بالإضافة إلى فوزه بكأس الدوري البرتغالي مرتين مع سبورتينغ ومرة مع سبورتينغ براغا.

لكن كلا المدربين واجه صعوبة في ترجمة أساليبهما الناجحة خارج الدوريات الخمس الكبرى إلى الدوري الإنجليزي الممتاز.

واستمتع بوستيكوجلو بفترة شهر عسل أولية مع توتنهام، حيث فاز في 8 من أول 10 مباريات في الدوري رغم فقدانه هداف الفريق هاري كين لصالح بايرن ميونيخ.

وحطم الرقم القياسي الذي سجله جوس هيدينك لأكبر عدد من النقاط التي يحققها مدرب في أول 9 مباريات له في البريميرليج، كما فاز بجائزة مدرب الشهر في أغسطس/آب وسبتمبر/أيلول وأكتوبر/تشرين الأول، ليصبح أول مدرب في تاريخ المسابقة يحقق ذلك.

حتى بعد خسارته 4-1 أمام تشيلسي في أول هزيمة له، حظى بوستيكوجلو بالإشادة عندما أصر على اللعب بدفاع متقدم رغم النقص العددي، قائلاً: "هذا هو أسلوبنا يا صديقي".

بوستيكوجلو

لكن، تلك الهزيمة شكلت بداية سلسلة من 4 خسائر في 5 مباريات، حيث جمع الفريق نقطة واحدة فقط. انتهت آمال توتنهام في خطف المركز الرابع المؤهل لدوري أبطال أوروبا بعد 4 هزائم متتالية قرب نهاية الموسم، لينهي بوستيكوجلو موسمه الأول في المركز الخامس.

إصابات كارثية

بدأ توتنهام هذا الموسم بداية قوية، إذ سحق مانشستر يونايتد 3-0 في أولد ترافورد فيما وصفه بوستيكوجلو بأنه "أداء رائع".

كان ذلك أسلوب "أنجي بول"، حيث أغرق الخصم بالضغط المستمر وخلق العديد من الفرص، وواصل توتنهام تحقيق انتصارات كبيرة على وست هام وأستون فيلا ومانشستر سيتي، لكن كل فوز كان يعقبه سقوط أمام فرق مثل برايتون وكريستال بالاس وإيبسويتش.

بدأ انهيار موسم توتنهام الحقيقي بعد فوزه المذهل 4-0 على مانشستر سيتي، حيث جمع 5 نقاط فقط من 11 مباراة بين ديسمبر ويناير، متكبدًا 8 هزائم.

وكان السبب واضحًا: أزمة إصابات كارثية. تعرض توتنهام لأكبر عدد من الغيابات هذا الموسم بين الأندية الإنجليزية الكبرى، حيث بلغ عدد حالات الغياب 213 إصابة، أي أكثر بـ44 إصابة من أرسنال، ثاني أكثر الفرق تضررًا.

نتيجة أسلوب اللعب

أقر بوستيكوجلو مرارًا وتكرارًا بأن أسلوبه عالي الضغط يتطلب مجهودًا بدنيًا هائلًا، مما يجعل الإصابات أمرًا لا مفر منه.

وقال في موسمه الأول مع سلتيك: "إنه ليس جديدًا عليّ، نلعب ونتدرب بطريقة مختلفة ويستغرق اللاعبون وقتًا للتكيف مع ذلك، وأدرك أننا سندفع ثمنًا باهظًا."

يبدو أن أموريم يواجه المشكلة ذاتها في مانشستر يونايتد. فلسفته تتطلب الكثير من التدريبات المكثفة وتشكيلة شابة ورياضية، بينما يعتمد أسلوبه على الأظهرة الهجومية، وهو أمر نادر في تاريخ يونايتد.



واعترف راسموس هويلوند في ديسمبر/كانون الأول أن الأمر "كثير لاستيعابه". والنتائج تثبت ذلك: 4 انتصارات فقط من 13 مباراة في الدوري، وهزيمة في سبع مواجهات.

إصرار بلا نقاش

بالرغم من ذلك، يظل بوستيكوجلو وأموريم متمسكين بأساليبهما، حيث قال المدرب البرتغالي بعد الهزيمة أمام نيوكاسل: "لا يمكنني تغيير فكرتي في يوم واحد، فهذا سيفقدنا أكثر مما نخسر الآن".

أما بوستيكوجلو، فقد صرح بعد الهزيمة 6-3 أمام ليفربول: "لا أعرف ما هو الخطة ب أو ج، إذا كان الناس يريدون مني تغيير أسلوبي، فلن يحدث ذلك."

لكن ماذا لو لم يكن اللاعبون مناسبين لهذا الأسلوب؟ يبدو أن ثقة اللاعبين في الفكرة بدأت تتآكل، كما أشار جاري نيفيل: "كلما خسرت أكثر، زاد صعوبة إقناع اللاعبين بالخطة."

بينما يتعاطف بوستيكوجلو وأموريم مع بعضهما البعض في مؤتمراتهما الصحفية، يبقى السؤال: إلى متى ستستمر أندية مثل مانشستر يونايتد وتوتنهام في دعم مدربين يتمسكون بفلسفات لا تحقق النتائج المطلوبة؟