وظهرت شخصية هويسن الذي لم يتأثر بهذا الموقف الصعب، رغم كونه لاعب صغير السن، حيث لم يتخطى عمره الـ19 عاما.
رحلة تألق سريعة
وُلد دين هويسن في أمستردام بهولندا، في 14 نيسان/أبريل 2005 لأبوين هولنديين، لكنه انتقل إلى إسبانيا وهو في سن الخامسة، حيث نشأ في مدينة ماربيا الواقعة في إقليم الأندلس.
ومنذ صغره، أظهر موهبة كروية متميزة جعلت نادي ملقا يضمه إلى أكاديميته، حيث تدرج في جميع الفئات العمرية وكان قائدًا في معظم الفرق التي لعب لها.
في البداية، لعب هويسن في مركز الهجوم، مستفيدًا من خبرة والده دوني هويسن، الذي كان مهاجمًا محترفًا في أندية مختلفة بالدوري الهولندي.
لكن مدربيه لاحظوا إمكانياته الدفاعية الفريدة، فتم تحويله إلى مركز قلب الدفاع، وهو القرار الذي غيّر مسيرته بالكامل.
في عام 2021، وبعد أن بلغ 16 عامًا، خطف أنظار يوفنتوس، الذي قرر التعاقد معه وضمه إلى أكاديمية النادي الإيطالي.
انتقل اللاعب إلى تورينو وبدأ يتعلم أصول الدفاع تحت إشراف مدربين متخصصين في تطوير المدافعين الشباب.

قبلة الحياة
ورغم موهبته الواضحة، لم يحصل هويسن على فرص كافية مع الفريق الأول ليوفنتوس، حيث خاض مباراة واحدة فقط، ما دفع النادي إلى إعارته إلى روما في كانون الثانى/يناير 2024، حيث لعب تحت قيادة المدرب المخضرم جوزيه مورينيو.
ومع روما، حصل على فرصته الحقيقية، وخاض 13 مباراة سجل خلالها هدفين، ليؤكد قدرته على اللعب على أعلى المستويات رغم صغر سنه.
تألقه في إيطاليا لم يمر مرور الكرام، إذ قرر نادي بورنموث الإنجليزي التعاقد معه في صيف 2024 مقابل 15 مليون يورو، مستفيدًا من فلسفة مدربه الإسباني أندوني إيراولا، الذي يُعرف بقدرته على تطوير المدافعين الشباب.
لم تكن بدايته هناك سهلة، إذ بدأ أساسيًا في مباراتين فقط من أول 10 مواجهات في الدوري، لكن كل شيء تغيّر في الخامس من كانون الأول/ديسمبر أمام توتنهام هوتسبير.
فقد سجل هدف الفوز برأسية قوية في القائم البعيد، واحتفل بطريقة أثارت ضجة على الإنترنت، حيث وضع يديه في جيوبه مقلدًا الميم الشهير "أنا شخص مسترخٍ تمامًا".
منذ تلك اللحظة، لعب هويسن كل دقيقة ممكنة في الدوري الإنجليزي، وقاد بورنموث إلى سلسلة من 11 مباراة دون هزيمة وهي الأطول في تاريخ النادي.
ومع تبقي 9 جولات فقط على نهاية الموسم، أصبح بورنموث في موقع قوي للتأهل إلى المسابقات الأوروبية لأول مرة في تاريخه.
اختيار الماتادور
نظرًا لأصوله الهولندية، مثل هويسن منتخبات الفئات السنية للطواحين في أكثر من مناسبة، وبدت مسيرته الدولية تتجه نحو تمثيل المنتخب الأول لهولندا.
لكن مع تطوره السريع في السنوات الأخيرة، بدأ الاتحاد الإسباني لكرة القدم في متابعة ملف اللاعب، مستفيدًا من نشأته الكروية في إسبانيا وارتباطه العاطفي بالبلد الذي ترعرع فيه.
عندما تلقى هويسن دعوة للانضمام إلى منتخب إسبانيا تحت 21 عامًا، لم يتردد في قبولها، رغم محاولات الاتحاد الهولندي إقناعه بالعدول عن قراره.
اللاعب كان واضحًا في موقفه، إذ أكد في أكثر من مناسبة أنه يشعر بأنه "إسباني" أكثر من كونه هولنديًا، وهو ما جعله يختار "لا روخا" على حساب "الطواحين".
لم يكن هذا القرار مفاجئًا لمسؤولي الاتحاد الإسباني، خاصة أن المدير الرياضي السابق للمنتخب، ألبرت لوكي، كان قد أبدى قناعته بموهبة هويسن، ورآه أحد المدافعين الذين سيشكلون مستقبل دفاع إسبانيا بجانب باو كوبارسي، مدافع برشلونة.

ظهور غير متوقع
جاءت فرصة هويسن للظهور مع المنتخب الأول بشكل غير متوقع، حيث تمت دعوته في البداية لمنتخب تحت 21 عامًا، لكن بعد استبعاد المدافع آيمريك لابورت وعدم جاهزية إنييجو مارتينيز، قرر المدرب لويس دي لا فوينتي، ضمه لتعزيز الخط الخلفي قبل مواجهة هولندا.
وحتى بعد ضمه، لم يكن من المتوقع أن يشارك هويسن في اللقاء، لكنه وجد نفسه في قلب الحدث بعد إصابة باو كوبارسي خلال الشوط الأول.
ولم يتردد المدرب الإسباني في الدفع بالمدافع الشاب، ليخوض أول مباراة دولية له بقميص "لا روخا" أمام منتخب بلده الأصلي، هولندا.
رغم صعوبة المباراة، قدم هويسن أداءً قويًا، وظهر بثقة كبيرة في التعامل مع نجوم الطواحين، وأثبت أنه قادر على اللعب في أعلى المستويات.
وبعد المباراة، عبر اللاعب عن سعادته الكبيرة بهذا الظهور، قائلًا: "إنه حلم تحقق. شعرت بالراحة مع زملائي، وأنا سعيد بمساعدة المنتخب في هذه المباراة المهمة".
ريال مدريد يترقب
بعد الأداء اللافت الذي قدمه مع روما، ثم تألقه مع بورنموث، بدأ اسم دين هويسن يثير اهتمام كبار الأندية الأوروبية، وعلى رأسهم ريال مدريد، الذي يبحث عن تعزيز خط دفاعه بلاعبين شباب قادرين على قيادة الخط الخلفي في المستقبل.
التقارير الصحفية الإسبانية كشفت أن ريال مدريد يضع هويسن ضمن قائمة أولوياته، وإدارة النادي الملكي ترى فيه خليفة لأحد أعمدة الدفاع الحاليين، لا سيما أنه يمتلك القوة البدنية والمهارات الفنية التي تجعله مناسبًا لفلسفة الفريق.
لكن ريال مدريد ليس النادي الوحيد المهتم بضم دين هويسن، حيث تشير التقارير إلى وجود اهتمام من أندية كبرى مثل "برشلونة، يوفنتوس ومانشستر سيتي"، ما قد يشعل سباق التعاقد معه في المستقبل القريب.
ولم يخفِ هويسن فخره بارتباط اسمه بريال مدريد، إذ صرح بعد مواجهة إسبانيا وهولندا قائلًا: "أنا أركز حاليًا على التطور مع فريقي، لكن بالطبع، من الرائع أن يتحدث الناس عن اهتمام أندية كبيرة بي".