كانت ليلة احتفالية في ويمبلي حيث استقبلت جماهير إنجلترا المدرب توماس توخيل بحرارة، لكن لم يخرج الجميع سعيدا من الملعب.  

وبدأت إنجلترا حقبة توخيل بفوزها 2-0 على ألبانيا على أرضها، لتبدأ مشوارها في تصفيات كأس العالم بانتصار روتيني في ملعب ويمبلي الممتلئ عن آخره.  

كان على المدرب الألماني الانتظار نحو 5 أشهر للوقوف على خط التماس بعد تعيينه مدربًا لمنتخب الأسود الثلاثة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لكن الافتتاح سار وفق الخطة تمامًا.  

وكسر أصحاب الأرض الجمود عندما مرر جود بيلينجهام كرة بينية رائعة إلى مايلز لويس-سكلي الذي انفرد بالمرمى وسدد الكرة تحت الحارس توماس ستراكوشا.

ثم أضاف هاري كين الهدف الثاني في اللحظات الأخيرة بعد استلامه عرضية من ديكلان رايس، ليضعها ببراعة في الزاوية البعيدة.  

واجتازت إنجلترا أول اختبار من أصل ثمانية في طريقها إلى كأس العالم 2026، ولم تضر فرصها في المنافسة على اللقب، بل بدأت عهد توخيل بأفضل طريقة ممكنة.  

ويمكن تحديد أسماء الفائزين والخاسرين في ملعب ويمبلي بحسب تقرير جول على النحو التالي

أولا.. الفائزون:

1. توماس توخيل
  
لا أحد داخل ويمبلي كان أكثر سعادة من المدرب الجديد لمنتخب إنجلترا، انتظر توخيل بصبر 6 شهور ليحصل على فرصته في قيادة الأسود الثلاثة، حيث كان يعمل على خططه ويحلل تكتيكاته.

واعتاد توخيل، الذي اشتهر بتغييراته التكتيكية الدقيقة، على استخدام تشكيل 3-4-3 في تشيلسي، وهو الأسلوب الذي أثبت نجاحه، وحتى بيب جوارديولا أبدى إعجابه بعبقرية الألماني التكتيكية، بدا أن تعيينه يعكس رغبة في جعل الأسود الثلاثة أكثر ذكاءً تكتيكيًا.

ولم يكن انتصار الجمعة نتيجة تعقيدات تكتيكية مفرطة، بل كان قائمًا على الأساسيات البسيطة: التحركات الذكية، الضغط العالي، وخطة مباشرة وسريعة لاختراق دفاع ألبانيا المتماسك.

في النهاية، لا تتعلق تصفيات كأس العالم بالنسبة لإنجلترا سوى بتجنب الانتقادات الحادة، ولن يضطر توخيل للقلق من ذلك هذا الأسبوع على الأقل.

2. مايلز لويس سكلي
الصعود السريع للويس سكلي كان لافتًا للنظر، لم يسبق له اللعب في مركز الظهير الأيسر قبل هذا الموسم، لكنه أصبح الآن الخيار الأول لإنجلترا وآرسنال، الفريق الذي ينافس على الدوري الإنجليزي ودوري أبطال أوروبا.

ويبلغ من العمر 18 عامًا فقط، لكنه يبدو وكأنه وُلد للعب في هذا المستوى، ليس بأسلوب "اللعب بأمان" حتى لا يرتكب أخطاء، بل بأسلوب لاعب يتحمل المسؤولية، يحب الاستحواذ وتحريك الكرة بسرعة، تمامًا كما كان الحال في طريقة لعب آرسنال القديمة. لقد استفاد إلى أقصى حد من فكرة توخيل بجعل اللاعبين يتحركون بحرية خلف الدفاع.

توماس توخيل ومايلز لويس سكيلي

وبصرف النظر عن هدفه - الذي جعله أصغر لاعب يسجل في تاريخ منتخب إنجلترا - فقد ترك بصمته على المباراة بأكملها. إذا كان هناك لاعب واحد جسّد فلسفة الفريق الجديد، فهو بلا شك لويس-سكلي الديناميكي والطموح.

3. نجوم إنجلترا المتعثرون
 
امتدت بساطة توخيل التكتيكية إلى كيفية استخدامه لأفضل لاعبيه، كين وبيلينجهام، في كثير من الأحيان خلال يورو 2024، كانا ينجرفان في المباريات كمتفرجين، لذلك كان هناك قرار فوري يوم الجمعة بإشراكهما قدر الإمكان.

وأشار كين إلى أن توخيل سيوظفه كمهاجم رقم 9 تقليدي، لكنه كان هنا يوسع اللعب ويتراجع للخلف، متجاوزًا لاعبي الوسط ومبرزًا مهاراته في التمرير.

بجانبه، كان بيلينجهام يندفع إلى المساحات، لكنه كان يشارك أيضًا في التمرير بين الخطوط، حيث صنع الهدف الافتتاحي التاريخي للويس سكيلي.

وبالطبع، تمكن كين من تسجيل هدفه الخاص في أواخر الشوط الثاني، ليضع الكرة داخل الشباك ببراعة كما يفعل دائمًا مع منتخب بلاده. أصبح الآن أول لاعب يسجل 70 هدفًا لإنجلترا.

إذا لم يكن كين وبيلينجهام مشاركين في المباريات، فلن تحقق إنجلترا الكثير من الانتصارات. أحيانًا يكون فهم كرة القدم بهذه السهولة. قد يكون توخيل لديه أخطر ثنائي في العالم بين يديه.
 
4. آمال إنجلترا
 
لن يكون الفوز 2-0 على ألبانيا له تأثير كبير على فرص إنجلترا في الفوز بكأس العالم 2026، لكنه سيمنح الفريق جرعة إيجابية كانت مفقودة منذ أن قاد أولي واتكينز "الأسود الثلاثة" إلى نهائي يورو 2024 الصيف الماضي.  

ولم يكن توخيل منصفًا تمامًا في انتقاداته لإنجلترا تحت قيادة ساوثجيت، لكنه كان محقًا في أن البلاد بحاجة إلى رؤية أكثر إيجابية تجاه اللعبة. يجب ألا تكون مقيدة بالخوف، بل مدفوعة برؤى واقعية للمجد.  

ودائمًا ما تكون هناك آمال زائفة بشأن المنتخب الإنجليزي قبل أي بطولة كبرى، فهذا أمر مؤكد مثل الموت والضرائب. سيكون من الجيد التخلص من هذا الوهم الذي يثقل كاهل العقلية الوطنية، ومع مدرب عالمي مثل توخيل على رأس الفريق، ينبغي أن يتحقق ذلك.

ثانيا.. الخاسرون:

1. جاريث ساوثجيت

لم يضيع توخيل أي وقت في توجيه الانتقادات لأسلوب سلفه السير جاريث ساوثجيت. قبل مباراة الجمعة، عندما سُئل عن هوية منتخب إنجلترا في يورو 2024، أجاب: "حرية اللاعبين، تعبيرهم عن أنفسهم، الجوع لتحقيق الفوز. بدا أنهم كانوا يخشون الإقصاء أكثر من رغبتهم في الفوز".  

لقد بنى ساوثجيت ثقافة النجاح، لكنه افتقر إلى الحسم كمدرب من الطراز العالمي لتحقيق المجد بنفسه، ورغم ذلك، يجب أن يُنظر إليه كبطل في إنجلترا، حتى لو تراجعت شعبيته العامة في ظل نجاح توخيل.  

2. راشفورد وفودين

قد يكون وصف "الخاسر" قاسيًا بعض الشيء بالنسبة لراشفورد، وربما يكون "لاعب لم يستفد كما كان يأمل" أكثر دقة. لكن بالنسبة لفودين، فإن الوصف مناسب تمامًا.

لم يكن الموسم رائعًا لأي منهما حتى الآن، حيث اضطر نجم مانشستر يونايتد للخروج على سبيل الإعارة إلى أستون فيلا في محاولة لإنقاذ مسيرته المتعثرة. تحدث توخيل عن إعطاء اللاعبين بداية جديدة، لذلك كان من المخيب للآمال أن يفشل كلاهما في استغلال فرصة اللعب في مباراته الأولى.

على الأقل، كان لراشفورد دور واضح في الفريق - الانطلاق خلف المدافعين والاستعداد لاستقبال تمريرات بيلينجهام وكين القاتلة - مشكلته الرئيسية كانت في اللمسة الأخيرة، حيث افتقد الدقة في التسديد وأحيانًا تأخر في اتخاذ القرار.

أما فودين، فقد بدا مصممًا على الجري في طرق مسدودة والتهرب من المسؤولية. كانت لمساته ضعيفة للغاية، وهو أمر غير مقبول بالنسبة للاعب العام في إنجلترا وفقًا لرابطة اللاعبين المحترفين، والذي لديه العديد من الألقاب الكبرى في سجله وهو لا يزال في قمة مسيرته.

راشفورد وفودين

أدت إصابات بوكايو ساكا وكول بالمر إلى حصوله على فرصة أساسية، لكنه لم يقدم سوى أداء يذكر الجماهير الإنجليزية لماذا طالبوا بإبعاده عن التشكيلة في المقام الأول.

لم يتردد توخيل في انتقاد الثنائي بعد المباراة: "نأمل في تأثير أكبر في هذه المراكز. المزيد من المراوغات والاختراقات الهجومية نحو منطقة الجزاء. بشكل عام، كان ذلك مفقودًا.تأتي الفرص من التحركات الصغيرة خلف الدفاع، وهذا ما كان ينقصنا. لم يكونوا حاسمين كما يجب أن يكونوا".
 
3. دان بيرن
  
يا له من أسبوع حافل لدان بيرن. من مجرد اسم آخر في قائمة خيارات توخيل الطويلة، إلى أسطورة في نيوكاسل يونايتد بعد الفوز بكأس الرابطة، إلى أكبر لاعب يخوض أول مباراة دولية مع إنجلترا منذ 2010.  

في بعض اللحظات، بدا واضحًا أنه يبلغ 6 أقدام و7 بوصات، ويبلغ من العمر 32 عامًا. على غرار ما يفعله آرسنال مع جابرييل ماجالهاييس، طلب توخيل تنفيذ الركلات الركنية مباشرة على رأس بيرن، بينما عانى أحيانًا في التمركز مع خط الدفاع المتقدم لإنجلترا.  

ومع ذلك، شكل شراكة دفاعية قوية مع إزري كونسا، مدافع أستون فيلا الذي كان أحد الأبطال غير المُقدرّين في المباراة، حيث قام بتغطية دفاعية رائعة. غادر بيرن ملعب ويمبلي بشباك نظيفة في أول ظهور له مع المنتخب، بالتأكيد تبدو أيام عمله في متجر أسدا في بليث وكأنها من زمن بعيد الآن.

4. جيبس وايت

لم يبدأ توخيل ومورجان جيبس وايت العلاقة على نحو جيد حتى الآن، تم استبعاد لاعب وسط نوتنجهام فورست بشكل مفاجئ من القائمة الأولية، ولم يتم استدعاؤه إلا بسبب إصابة كول بالمر، وكان واحدًا من 3 لاعبين - إلى جانب آرون رامسديل وجاريل كوانساه - لم يتم ضمهم إلى قائمة المباراة يوم الجمعة.

وتحدث جيبس وايت عن التوتر مع المدرب الجديد لإنجلترا هذا الأسبوع، قائلًا: "عندما أخبرني (بعدم استدعائي في البداية)، احترمت قراره. مستوى اللاعبين في المنتخب مرتفع جدًا".

وأضاف: "قلت له: (أشعر أنني قدمت ما يكفي للحصول على الاستدعاء، بالنظر إلى المستوى الذي كنت عليه، لكنك بالطبع المدرب، وأنت من يتخذ القرارات، وأنا أحترم ذلك تمامًا). لذلك، كان الأمر محبطًا، لكن يوم الأحد تلقيت المكالمة، فجئت مباشرةً إلى المعسكر".

وأفاد: "أرسل لي رسالة يسألني فيها: (هل أنت متاح للتحدث؟) ورددت في غضون 30 ثانية. اتصل بي وسألني: (هل ما زلت غاضبًا مني، أم أنك تريد الانضمام إلينا والتدرب غدًا؟) بالطبع، لم يكن هناك أي تردد. قلت له إنني أود الانضمام والتدرب مع اللاعبين، لذلك، نعم، عرفت بالأمر في وقت متأخر من بعد ظهر الأحد، وكنت مبتسمًا من الأذن إلى الأذن".