تود بويلي ومجموعة كليرليك كابيتال يفعلونها مجددًا! فقد استثمر ملاك تشيلسي الطموحون أكثر من مليار جنيه إسترليني في تعزيز تشكيلة الفريق الأول منذ وصولهم في عام 2022، حيث يعمل قسم الكشافة بلا كلل لتحديد وجذب النجوم المحتملين من جميع أنحاء العالم.  
لم يتحقق النجاح الملموس بعد، لكن البلوز لم يجدوا صعوبة في إقناع المواهب الواعدة بالانضمام إلى مشروعهم طويل الأجل، من خلال تقديم عقود قائمة على الحوافز توفر الاستقرار الذي لا يستطيع المنافسون تقديمه. وكان جيوفاني كويندا وداريو إيسوجو أحدث المنضمين إلى هذا التحدي، بعد أن برزا في صفوف سبورتنج لشبونة.

استطاع تشيلسي التعاقد مع الثنائي البرتغالي مقابل رسوم إجمالية تبلغ 62 مليون جنيه إسترليني (80.3 مليون دولار)، بعد التوصل إلى اتفاق مع سبورتنج يقضي بانتقال إيسوجو إلى ستامفورد بريدج في الصيف، على أن ينضم إليه كويندا في نهاية موسم 2025-26. لكن أحدهما كان محط اهتمام أكبر من الآخر.  

تمكن كويندا من اقتحام الفريق الأول لسبورتنج تحت قيادة المدرب الحالي لمانشستر يونايتد، روبن أموريم، وسرعان ما أثبت نفسه كلاعب رئيسي رغم أنه لم يتجاوز 17 عامًا، مما جعله يُقارن بنجم معين يُدعى كريستيانو رونالدو. كما تلقى استدعاءً للانضمام إلى منتخب البرتغال، وهو ما يفسر سبب تخصيص تشيلسي 42 مليون جنيه إسترليني (18 مليون دولار) من إجمالي الصفقة لضمه.  

على النقيض، يغادر إيسوجو سبورتنج وهو لا يمتلك سوى 25 مباراة في رصيده خلال آخر 4 سنوات.

يبدو وكأنه الخيار الثاني في هذه الصفقة المزدوجة، لكن هذا لا يعني أنه لن يكون إضافة مهمة لتشيلسي. في الواقع، قد يكون إيسوجو أحد أفضل الصفقات في القرن مقابل 18 مليون جنيه إسترليني (23 مليون دولار).  



البداية  

وُلد إيسوجو في أوديفلاس، لشبونة في مارس 2005، وبدأ خطواته الأولى في عالم كرة القدم في نادي سانتا ماريا المحلي. أدرك سبورتنج موهبته عندما كان في التاسعة من عمره، فضمه إلى أكاديميته الشهيرة "ألكوشيتي".  

رغم المنافسة الشديدة، تقدم إيسوجو بسرعة عبر الفئات السنية، مما لفت أنظار المدرب روبن أموريم، الذي اتخذ قرارًا جريئًا بتسريع تطوره قبل أن يشارك حتى مع فريق سبورتنج تحت 23 عامًا. في 20 مارس 2021، دخل إيسوجو كبديل في مباراة انتهت بفوز فريقه 1-0 على فيتوريا جيماريش، متجاوزًا لويس فيجو كأصغر لاعب يخوض مباراة مع سبورتنج في سن 16 عامًا و6 أيام فقط.  

لم يدرك إيسوجو حجم الإنجاز إلا بعد انتهاء المباراة، حيث لم يتمالك دموعه وسط مواساة زملائه. وقال بعد استعادة هدوئه: "إنها إحساس لا يمكن وصفه، كنت أحلم بهذا دائمًا، عليّ أن أشكر الجميع. هذه مجرد البداية، عليّ أن أواصل العمل لمساعدة النادي على تحقيق أهدافه. اللعب على مستوى الفريق الأول مختلف تمامًا، لقد دعمني الجميع وجعلوني أشعر براحة أكبر".  

الانطلاقة الكبرى

لم يشارك إيسوجو مرة أخرى مع الفريق الأول خلال موسم 2020-21، وكانت الفرص نادرة في الموسم التالي. لكنه دخل تاريخ دوري أبطال أوروبا عندما أصبح أصغر لاعب برتغالي يشارك في البطولة، بعد نزوله كبديل في خسارة سبورتنج أمام أياكس في مرحلة المجموعات. كما تجاوز رقم فيجو مرة أخرى عندما بدأ أول مباراة له كأساسي في الدوري البرتغالي، في فوز فريقه 2-0 على أروكا في مارس 2022.  

لكن الانطلاقة الحقيقية جاءت على الساحة الدولية، عندما تم استدعاؤه لمنتخب البرتغال للمشاركة في بطولة أوروبا تحت 17 عامًا في صيف ذلك العام. لعب إيسوجو دورًا أساسيًا في وصول البرتغال إلى نصف النهائي، قبل أن يخسروا بركلات الترجيح أمام فرنسا.  

كانت لحظة محبطة لإيسوجو، لكن البرتغال لم تكن لتصل إلى ركلات الترجيح لولاه. فقد سجل هدف التقدم 2-1 بطريقة مذهلة، حين سدد كرة صاروخية من مسافة 40 ياردة استقرت في الزاوية العليا للمرمى.  

إيسوجو ليس هدافًا بطبيعته، لكن جماهير تشيلسي ستُسر بمعرفة أنه يمتلك هذه المهارة في جعبته. وقد أبدى المدرب أموريم إعجابه به في ذلك الوقت، ومنذ ذلك الحين أصبح إيسوجو جزءًا أكثر انتظامًا من الفريق الأول لسبورتنج.



كيف تسير الأمور؟

بحلول منتصف موسم 2023-24، لم يتمكن إيسوجو بعد من فرض نفسه كلاعب أساسي ثابت تحت قيادة أموريم، وقررت سبورتنج أن فترة إعارة ستكون الأفضل لتطويره. انضم إلى تشافيس، المهدد بالهبوط، بعقد إعارة لمدة ستة أشهر، مما أتاح له فرصة اللعب بانتظام مع الفريق الأول.  

قدم إيسوجو أداءً مميزًا في 14 مباراة مع تشافيس، لكن الفريق هبط في النهاية إلى الدرجة الثانية، ولم يتمكن من تحمل تكاليف الاحتفاظ بالشاب. ومع ذلك، كان هناك تعويض مثالي بانتظار إيسوجو عند عودته إلى سبورتنج، حيث حصل على ميدالية الدوري البرتغالي بعد تتويج أموريم بلقبه الثاني.  

لكن للأسف، لم يكن هناك مكان لإيسوجو في دفاع سبورتنج عن لقبه، حيث تمت إعارته مرة أخرى، هذه المرة إلى فريق لاس بالماس في الليجا، متخليًا عن راحة وطنه لمواجهة تحدٍ جديد في الخارج. وقال إيسوجو عند تقديمه: "لدي تطلعات جيدة. أنا في مرحلة جديدة، بعيدًا عن المنزل، كل شيء مختلف. أعلم أن هذه التجربة ستكون جيدة لنموّي، وسأحقق أشياء جيدة هنا. الدوري البرتغالي قوي، لكن هنا سيكون النمو أفضل. سيساعدني ذلك على التحسن وإبراز نقاط قوتي".  

وقد ثبتت صحة هذا التوقع إلى حد كبير. وفقًا لصحيفة "ذا أثلتيك"، هناك فقط خمسة لاعبي وسط في الليجا لعبوا أكثر من 900 دقيقة هذا الموسم يتفوقون على إيسوجو في عدد الاعتراضات لكل مباراة (1.9). كما تألقت مهاراته التقنية، لكن أسوأ نقاطه ظهرت أيضًا.  

تعرض للطرد مرتين بقميص لاس بالماس، بما في ذلك خلال التعادل 1-1 ضد أوساسونا في يناير. بعد ارتكاب خطأين استحقا بطاقة صفراء، كان من المفترض أن يُوقف لمباراة واحدة، لكن العقوبة زادت إلى 3 مباريات بسبب تصفيقه الساخر للحكم أثناء خروجه من الملعب.  

إيسوجو يواجه أيضًا خطر الهبوط للموسم الثاني على التوالي، حيث يحتل لاس بالماس المركز الـ19 في الليجا بفارق 3 نقاط عن منطقة الأمان مع تبقي 11 مباراة فقط. ومع ذلك، فإن الإيجابيات تفوقت على السلبيات، فإيسوجو لا يزال موهبة خام لكنه يتحول تدريجيًا إلى لاعب متكامل، وهذا ما دفع تشيلسي إلى اتخاذ هذه المغامرة المحسوبة.

أبرز نقاط قوته

عندما طُلب من إيسوجو وصف أسلوب لعبه بعد انضمامه إلى لاس بالماس، قال: "أحب استعادة الكرة والتقدم إلى الأمام. يمكنني توفير الأمان الدفاعي، وهذا ما أسعى إليه لمساعدة الفريق على تحقيق أهدافه".

قد يفشل النادي في تحقيق هدفه الأساسي بالبقاء في الليجا، لكن إيسوجو قدم المطلوب منه.  

يُعد لاعب وسط ارتكاز قوي بدنيًا، يحب التدخلات القوية ويقرأ اللعب بشكل جيد رغم قلة خبرته في المستوى العالي. لولا قدرته على قطع الهجمات، لكان لاس بالماس قد تراجع للمراكز الأخيرة في وقت مبكر جدًا من الموسم. كما أنه تطور من الناحية الهجومية في إسبانيا.  

إيسوجو لاعب مراوغ تقدمي لا يخشى استلام الكرة في المساحات الضيقة، كما أن مدى تمريراته استثنائي. يمكن للاس بالماس الاعتماد عليه لاختراق الخطوط وتغيير اتجاه اللعب كلما سنحت الفرصة. لديه الجرأة في امتلاك الكرة عندما يختار الآخرون الحلول السهلة، ولهذا السبب يُنظر إليه كأحد القادة في فريق دييجو مارتينيز.



مجالات التحسين

سيحتاج إيسوجو إلى تعلم الانضباط بشكل أكبر في تشيلسي. الحصول على 5 بطاقات صفراء وبطاقتين حمراوين في 17 مباراة بالليجا يوضح أنه لا يزال متهورًا وسهل الانجراف خارج موقعه.  

يجب عليه أن يكون أكثر حذرًا في اختيار اللحظات المناسبة للتدخل، والتمرير، والانطلاق إلى الأمام، لكن هذا سيأتي مع النضج. إيسوجو لاعب شرس بطبيعته، ولن يرغب تشيلسي في القضاء على هذه السمة تمامًا، بل فقط توجيهها بشكل أكثر إنتاجية.  

كما أنه عرضة لفقدان التركيز أحيانًا، مما يجعله يخسر الكرة بسهولة. هذا الأمر يجب أن يتغير في الدوري الإنجليزي الممتاز، حيث يمكن لأفضل اللاعبين معاقبة هذه الأخطاء فورًا.

بديل كايسيدو؟

يملك إيسوجو الكثير من القواسم المشتركة مع نجم ريال سوسيداد والمنتخب الإسباني مارتن زوبيميندي، فهو يتمتع بذكاء كروي عالٍ (وإن لم يكن بنفس الأناقة)، كما أنه يعمل بجد لجعل نفسه متاحًا لاستلام الكرة تمامًا مثل زوبيميندي.  

لكن يمكن إجراء مقارنات أكثر مباشرة بين إيسوجو واثنين من زملائه الجدد في تشيلسي، الأول هو روميو لافيا، الذي انتقل إلى ستامفورد بريدج بعد أن أثبت نفسه كواحد من أفضل لاعبي الوسط القادرين على مقاومة الضغط في الدوري الإنجليزي الممتاز مع ساوثهامبتون.

وكما هو الحال مع لافيا، يتميز إيسوجو بفعاليته الكبيرة في التحولات الهجومية، لكنه يُعد أقرب في أسلوب لعبه إلى مويسيس كايسيدو.

يُعد كايسيدو، الذي كلف تشيلسي 115 مليون جنيه إسترليني (149 مليون دولار)، لاعب وسط متميزًا في استعادة الكرة ويبذل مجهودًا كبيرًا من أجل الفريق. إيسوجو يتمتع بصفات مشابهة، ويمكنه أن يشكل ثنائيًا مع كايسيدو في الموسم المقبل، أو ربما يتناوب معه في وسط الملعب وفقًا لما يراه المدرب إنزو ماريسكا مناسبًا.  



ما القادم؟

في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أشاد لويس دياز، المستشار الفني للاتحاد البرتغالي لكرة القدم، بإيسوجو باعتباره أحد ألمع المواهب في جيله، بعدما عمل معه لفترة في سبورتنج لشبونة.

وقال دياز لصحيفة "ماركا": "سوف يلعب مع ريال مدريد أو في أي نادٍ يريده. إنه يملك إمكانيات هائلة".  

كما أشار دياز إلى أن برشلونة كان مهتمًا بالتعاقد مع إيسوجو، لذا يُعتبر فوز تشيلسي بسباق ضمه إنجازًا كبيرًا. قد يُنظر إلى كويندا على أنه الصفقة الأبرز حاليًا، لكن أمام إيسوجو عامًا كاملًا لإثبات نفسه في ستامفورد بريدج قبل وصول مواطنه.  

يملك اللاعب كل المقومات البدنية للنجاح في الدوري الإنجليزي الممتاز، ووفقًا لشبكة "سكاي سبورتس"، فإن تشيلسي يتوقع أن يكون إيسوجو ضمن حسابات ماريسكا للمشاركة في المباريات منذ البداية.

وقد منحه لاس بالماس فرصة لاكتساب خبرة لا تقدر بثمن كلاعب أساسي في دوري أوروبي كبير، ما يجعله مستعدًا لترك بصمته عندما يصل إلى لندن في يونيو/ حزيران المقبل.