ويستعيد الفريق تدريجياً مستواه تحت قيادة مدربه الجديد روبن فان بيرسي، الذي تولى المهمة في 24 شباط /فبراير خلفاً للمدرب المؤقت باسكال بوسخارت، بعد أسبوعين فقط من إقالة بريان بريسكه، ولعب ظهير أيمن يبلغ من العمر 18 عاماً دوراً بارزاً في تغيير الأجواء الكئيبة حول ملعب "دي كويب".
في الواقع، يُعد صعود جيفايرو ريد إلى التشكيلة الأساسية أحد أبرز الإيجابيات في موسم فينورد حتى الآن. لكن الجانب السلبي هو أن هذا الموهوب الشاب جذب الكثير من الأنظار من الدوري الإنجليزي الممتاز في الأشهر الأخيرة، حيث يرى ليفربول فيه البديل المحتمل على المدى الطويل لترينت ألكسندر أرنولد، الذي يبدو أنه في طريقه لريال مدريد.
البداية
وُلد ريد ونشأ في حي "ألمير" جنوب العاصمة أمستردام. وبدأ مسيرته الكروية في نادي زيبورجيا للهواة، قبل أن يلتقطه نادي فولندام وهو في سن الحادية عشرة.
تقدم بسرعة في أكاديمية فولندام، وظهر لأول مرة في الدوري الهولندي الممتاز وهو في السادسة عشرة من عمره تحت قيادة المدرب آنذاك ويم يونك. وشارك ريد لخمس دقائق في مباراة ضد فورتونا سيتارد يوم 17 آذار/مارس 2023، والتي انتهت بفوز فريقه 21.
في ذلك الوقت، كان ريد يمثل منتخب هولندا تحت 17 عاماً. وخلال مباراة تصفيات بطولة أوروبا ضد إنجلترا، بعد 11 يوماً من ظهوره الأول مع فولندام، لفت أنظار روبن فان بيرسي لأول مرة. كان فان بيرسي، الذي تولى حينها قيادة فريق فينورد تحت 18 سنة، قد حضر اللقاء في ملعب "نيوو زويد" لمتابعة نجله شاكيل، لكنه انبهر بأداء الظهير الأيمن الشاب لمنتخب الطواحين.
قال ريد لاحقاً لمجلة "فوتبال إنترناشيونال": "أعترف أنني شعرت بأنني قدمت مباراة رائعة في ذلك اليوم. كان كل شيء يسير كما يجب، ولحسن حظي أن روبن كان يبحث عن ظهير أيمن لفريقه".
وزاد: "قال لي بعد المباراة إنه لاحظني، ولم يمض وقت طويل حتى تواصل فينورد مع وكيلي. كنت حينها بالفعل في مفاوضات مع فولندام، بل إن العقد كان جاهزاً تقريباً، وكنت قد قررت البقاء. لكنني فكرت: الاستماع لا يضر، فذهبت للحديث مع روبن. إنه متحدث بارع".
وأضاف ريد في عام 2023: "في فولندام، كنت سأصعد مباشرة إلى الفريق الأول، بينما في روتردام، كنت سأبدأ مع فريق تحت 18 سنة في فينورد. كان ذلك بمثابة خطوة للوراء بهدف التقدم مستقبلاً. كان مخاطرة، لكنني شعرت بأنها تستحق".
وواصل: "أردت فعلاً اللعب تحت قيادة روبن، وقد زج بي مباشرة في التحدي. منحني الكثير من المسؤولية، وكان الشيء الجميل أن روبن كان يريد لعب كرة هجومية، تماماً كما يفعل ويم يونك في فولندام، وهذا ساعدني كثيراً على التأقلم".

الانطلاقة الكبرى
لم يمض وقت طويل حتى جذبت عروض ريد مع فريق فينورد تحت 18 انتباه المدرب الأول آرني سلوت، الذي دعاه للتدرب مع الفريق الأول، حتى قبل أن يخوض أي مباراة مع فريق الشباب "يونج فينورد"، وسافر ريد مع الفريق الأول إلى ماربيا في معسكر شتوي.
وحين واجه سلوت أزمة في مركز الظهير الأيمن قبل مباراة الذهاب في الدوري الأوروبي ضد روما يوم 15 شباط /فبراير 2024، جلس الشاب على دكة البدلاء في ملعب "دي كويب".
قال ريد بعد المباراة: "كان لوتشاريل جيرترودا مريضاً، فبدأ بارت نيوكوب أساسياً. شعرت مباشرة بأنني قد أشارك، والجميل أن جيرترودا شعر بنفس الشيء. أرسل لي رسالة قبل المباراة قال فيها: (استعد، هناك فرصة كبيرة لتشارك. أظهر ما عملت لأجله طوال هذا الوقت، واجعل عائلتك فخورة بك).. لقد كانت لفتة جميلة جداً من قائد حقيقي".
وأضاف: "الغريب أنني لم أشعر بالتوتر عندما أمرني سلوت بالإحماء. لم يكن لدي الوقت لأدرك حجم المباراة، عندما دخلت إلى أرضية الملعب، لعبت بطريقتي المعتادة كما كنت أفعل دائمًا مع فولندام وفينورد تحت 18 سنة: أهاجم عندما أستطيع، لكن أعود في الوقت المناسب للدفاع".
وأوضح: "كانت مباراة مثيرة. انتهت بالتعادل (1-1)، لكنك لا تدرك كم كانت مميزة إلا بعد انتهائها: روما، بكل تاريخها مع فينورد، وجوزيه مورينيو على مقاعد البدلاء.. لقد استمتعت حقًا!".
البرتقالي يلوح في الأفق
ريد أحب أيضًا العمل تحت قيادة سلوت، الذي يُعزى إليه الفضل في تطويره بسرعة وسهولة تأقلمه مع الفريق الأول. ولكن بعد رحيل سلوت إلى ليفربول في الصيف الماضي، دخل ريد موسم 2024/2025 كخيار ثالث في مركز الظهير الأيمن بفريق فينورد.
ولم يتم حتى ضمه إلى قائمة بريسكه للمرحلة الأولى من دوري أبطال أوروبا. غير أن إصابات نيكوب وجوردان لوتومبا منحت ريد الفرصة للمطالبة بمكان أساسي، وقد اغتنم تلك الفرصة بكل قوة.
أبهر ريد الجميع حين تمكن من تحييد نجم ميلان، رافائيل لياو، في ظهوره الأول بدوري الأبطال في شباط /فبراير الماضي. بالإضافة إلى ذلك، لديه 6 تمريرات حاسمة في آخر 6 مباريات له مع فينورد. بل ودوّن اسمه في التاريخ قليلاً بـ3 تمريرات حاسمة ضد تفينتي منتصف آذار/مارس. ولهذا، تفاجأ فان بيرسي من عدم استدعاء ريد إلى قائمة منتخب هولندا الأولمبي للمباريات الودية في آذار/مارس، رغم مستواه الرائع.
وقال فان بيرسي: "الأمر يعود إلى المدرب مايكل ريزيجر لاتخاذ هذا القرار. ربما لديه لاعب آخر أفضل، لكن لا أستطيع تخيل ذلك، لم أسمع أي شيء أيضًا، لذا لا أعرف إن كان رايزجر يملك رقم هاتفي. لكنه يمكنه الحصول عليه في أي وقت!".
ريزيجر لا يُلام كثيرًا، حيث رأى الاتحاد الهولندي لكرة القدم أن من الأفضل لريد أن يساعد منتخب تحت 19 عامًا على التأهل لبطولة أوروبا هذا الصيف، وقد نجح في ذلك كقائد للفريق. بدلاً من المشاركة في مباريات ودية بلا هدف مع المنتخب الأولمبي.
وقد أوضحت هذه المسألة، التي تناولتها وسائل الإعلام الهولندية على نطاق واسع، مدى الحماس المحيط بهذا المدافع الموهوب. ويعتقد بعض المحللين بشدة أن ريد قادر على فرض نفسه ضمن قائمة المنتخب الهولندي لكأس العالم 2026، إذا حافظ على هذا المستوى.

نقاط القوة
كما ظهر جليًا في "هاتريك" التمريرات الحاسمة أمام تفينتي: أن ريد قوي جدًا من الناحية الهجومية. إنه سريع، يستطيع مراوغة خصمه، ولديه عرضيات رائعة. ربما لا يمتلك ترسانة التمريرات التي يتميز بها ألكسندرأرنولد، لكنه يمتلك قدمًا يمنى ممتازة تمكنه من إيجاد زملائه المنطلقين بتمريرات عميقة دقيقة.
ويمثل ذلك راحة كبيرة لفان بيرسي، أن ريد يؤدي كذلك دفاعيًا على أعلى مستوى، حيث قال ريد الواثق من نفسه: "عليك دائمًا العودة، لا يمكنك ترك زملائك المدافعين وحدهم. هذا لا يتطلب فقط لياقة بدنية، بل أيضًا فهمًا تكتيكيًا وتواصلًا جيدًا. ولدي زملاء يساعدونني بالتوجيه باستمرار".
ريد شخص متواضع بطبعه. لكنه في الوقت ذاته، متعطش دائمًا لاكتساب أكبر قدر ممكن من المعلومات والنصائح ليصبح لاعبًا أفضل.
ولعل أكثر ما يثير الإعجاب في ريد هو أنه لا يعرف الخوف. ومع ذلك، يعترف بصراحة أنه شعر بالتوتر مرة واحدة فقط، وكانت قبل ظهوره الأول في كلاسيكو هولندا أمام أياكس في وقت سابق هذا الموسم. وحتى في تلك اللحظة، كان متحمسًا أكثر منه متوترًا.
لذلك، فليس من المستغرب أن يكون أكثر ما يعجب فان بيرسي في ريد، هو "عقليته"، حيث قال المهاجم السابق بحماس: "عندما ترى كيف يلتقط جيفي الأمور، كيف يتدرب، وكيف يلعب، فهذا يمنحني متعة إضافية".
نقاط التحسين
كما أشار ريد بنفسه، فإنه لم يمض وقت طويل على لعبه كظهير أيمن. فقد بدأ مسيرته كمهاجم في نادي زيبرجيا، ولعب في البداية كلاعب وسط مع فريق فولندام، قبل أن ينتهي به الأمر في خط الدفاع. وفي هذا الخط الأخير، لعب أحيانًا كقلب دفاع.
ولم يثبت نفسه كظهير أيمن إلا بعد انضمامه إلى فريق الشباب في فولندام، لذلك، من غير المفاجئ على الإطلاق أنه لا يزال بحاجة إلى تعلم الكثير، خاصة في ما يتعلق بالتمركز وإيجاد التوازن الصحيح بين واجباته الهجومية والدفاعية.
وهذا أمر يعمل عليه ريد بجد، تمامًا كما يعمل على أن يصبح أقوى وأكثر لياقة وسرعة من خلال تدريبات القوة المكثفة. فهو لم يتجاوز الثامنة عشرة من عمره بعد، ومن المؤكد أنه سيصبح أفضل إذا حصل على الوقت الكافي للتطور بدنيًا وذهنيًا وتكتيكيًا.

دومفريس الجديد؟
في الوقت الذي يتساءل فيه الكثيرون حاليًا عمّا إذا كان ريد، المرتبط اسمه بليفربول، سيكون ألكسندرأرنولد القادم، وصفه إتيين راينن، المدرب المساعد في فينورد، بالفعل بأنه "دومفريس الجديد". وهذا في الواقع أمر منطقي جدًا، فريد معجب منذ فترة طويلة بالظهير الأيمن الهجومي الهولندي، وقد تبادل القمصان معه بعد مباراة ثمن نهائي دوري أبطال أوروبا الأخيرة بين فينورد وإنتر ميلان.
وقال ريد بعد نهاية المواجهة مع إنتر: "دومفريس لاعب أكن له الكثير من الاحترام. نحن متشابهان نوعًا ما كلاعبين. الطريقة التي يندفع بها للأمام هي شيء أحاول أن أطبقه في لعبي. أحيانًا، عندما أشاهد مبارياته، أراه يقوم بأشياء أعتقد أنني قادر على تنفيذها أيضًا. دومفريس دائمًا ما يسجل الأهداف ويصنع العديد من التمريرات الحاسمة".
الخطط المستقبلية
إذا صدقنا ما تنقله الصحافة، فمن المتوقع أن يمثل ريد منتخب شباب هولندا في بطولة أوروبا هذا الصيف، وأنه سيغادر فينورد بعد نهاية الموسم لينضم إلى أحد الأندية الكبرى في أوروبا.
ويُقال إن برشلونة أيضًا مهتم بخدماته. أما جماهير ليفربول، فترى بصيص أمل في تصريح ريد خلال مقابلة أخيرة، حيث كشف عن أنه من مشجعي متصدر الدوري الإنجليزي الممتاز.
ومع ذلك، فبعد أن وقع عقدًا حتى عام 2028 في أيلول/سبتمبر من العام الماضي، توصل ريد مؤخرًا إلى اتفاق جديد للاستمرار مع فينورد لعام إضافي.