عرفت الكرة السعودية انتفاضة حقيقية في حقبة التسعينات ليس فقط لأنها الفترة التي تأهل فيها الأخضر لأول مرة في تاريخه إلى نهائيات كأس العالم، بل أيضا على المستوى المحلي كانت المنافسات حامية الوطيس، مع وجود بطل جديد كسر احتكار الكبار.
الدوري السعودي وحتى نهاية حقبة الثمانينات، لم يعرف بطلاً – من خارج الصندوق – أي بعيدا عن منصة الكبار سوى الاتفاق الذي فاز باللقب مرتين في الثمانينات ليضع حداً لهيمنة الهلال والنصر والاتحاد.

لكن مع بداية التسعينات كانت الكرة السعودية على موعد مع بطل جديد لم يسبق له أن اعتلى منصات التتويج بالمسابقة، ليحصد لقب الدوري ولم يكتف بموسم واحد، حيث هيمن على البطولة لمدة 3 مواسم متتالية مستغلا وجود جيل تاريخي استطاع من خلاله التفوق على الكبار.

الشباب يتوهج

في تلك الفترة لم يكن الشباب مجرد ظاهرة لفريق في موسم واحد ثم يندثر، لكن الليوث بجيل ذهبي ضم لاعبين مثل فؤاد أنور وفهد المهلل وسعيد العويران وعواد العنزي وغيرهم، استطاعوا التفوق على نجوم وأساطير في ذلك الوقت بالأندية الأخرى.

ويكفي القول إنه في تلك الفترة صال وجال ماجد عبد الله مع النصر، وهو النجم الأسطوري للكرة السعودية، وأيضا يوسف الثنيان النجم المتألق مع الهلال، وتبعه اللاعب الواعد في ذلك الوقت سامي الجابر.



بداية الهيمنة

الشباب حصد اللقب 3 مواسم متتالية هي 1990-1991 و1991-1992 و1992-1993، فلم يكن أحد ليتصور أن الفريق الذي أنهى موسم 1989-1990 في المركز الخامس سيمضي بطلاً في الموسم التالي.

حيث أن ذلك الموسم كانت المنافسة فيه ثنائية ما بين الهلال والأهلي ومن بعدهما تتقارب نقاط النصر والطائي والشباب والقادسية.

أما في بداية حقبة تتويج الشباب، فقد تغير شكل المسابقة بأن أقيم الدوري بنظام تأهيل الرباعي المتصدر لمربع ذهبي تتقابل فيه الأندية وجها لوجه بطريقة خروج المغلوب وصولا للبطل.

وفي هذه النسخة أنهى الشباب المرحلة الأولى متصدرا برصيد 34 نقطة بفارق نقطتين عن النصر و3 عن الهلال و6 عن الاتفاق، ليتأهل الرباعي للمربع الذهبي للدوري.

ورغم أن بداية الموسم لم تكن لتنبئ بمسيرة بطل في النهاية، بعد التعادل السلبي مع الاتحاد في الجولة الأولى، لكن الانطلاقة تمت لاحقا بـ7 انتصارات متتالية أمام القادسية والطائي والأهلي والنجمة والوحدة والاتفاق ثم الهلال، ليكسر هذا التفوق النصر بفوزه الصعب 2-1.

في المربع الذهبي تعادل الهلال مع الشباب 2-2 بمباراة الذهاب على ملعب الزعيم، ثم فاز الليوث إيابا 2-1، ليضرب الفريق العاصمي موعدا مع نظيره النصر بعدما هزم الاتفاق بسيناريو مشابه.

وفي النهائي اكتفى الشباب بهدف نجمه فهد المهلل على ملعب مدينة الأمير عبد الله الفيصل الرياضية ليحسم انتصاره على النصر ويحول الحلم إلى حقيقة ويتوج فريقه بلقب أول له في الدوري السعودي.



عراب النجاح

ذلك النجاح الكبير للشباب والتتويج بأول ألقاب الدوري جاء تحت قيادة المدرب البرازيلي باولو كامبوس والذي سبق أن درب منتخب الكويت وكذلك نادي أُحد السعودي، ليخوض تجربة من ذهب مع الليوث، علماً بأنه انتقل لاحقا لتدريب اتحاد جدة علاوة على تجاربه في الكرة الإماراتية مع الوصل والنصر، والريان والسيلية في قطر.

مهمة صعبة

الموسم التالي للشباب بعد التتويج كان الأصعب، فقد كانت مهمة الحفاظ على اللقب أصعب من حصده، وإثبات أن أول بطولات الفريق الأبيض والأسود لم تكن مصادفة أو مجرد سقطة للكبار.

وفي تلك النسخة وبنفس الطريقة وصل الشباب للمربع الذهبي بعدما احتل وصافة الترتيب خلف الأهلي بفارق نقطة، ومتقدما على الاتفاق بنقطتين والنصر بـ3 بينما ابتعد الاتحاد عن التأهل بفارق نقطة، وغاب الهلال تماما الذي حل سابعا في ذلك الموسم.

وفي المربع الذهبي تقابل الشباب والنصر من جديد، حيث تعادلا ذهابا (0-0)، وفي الإياب كان الفوز الملحمي بنتيجة 3-2 بعد وقت إضافي على ملعب الملك فهد الدولي.

تشكيلة الليوث في تلك المباراة ضمت نجوم بارزين مثل صالد الداود وسالم سرور وخالد الحمدان وعواد العنزي وخالد الشنيف وسعيد العويران وفهد المهلل، تحت قيادة المدرب لوري ساندري وهو برازيلي آخر خلف كامبوس في قيادة الفريق، علما بأنه قاد الشباب من قبل في 1989.

النصر بدوره لم يخل من النجوم فقد ضم كتيبة من المتألقين مثل إبراهيم ماطر وناصر الفهد وفهد الهريفي وماجد الجمعان – رئيس النادي الحالي – وكان ماجد عبد الله على مقاعد البدلاء في تلك المواجهة، بالقيادة الفنية للبرازيلي كلاوديو دوارتي.

بادر الشباب بالتقدم عن طريق خالد الشنيف، برأسية من الوضع طائرا، وضاعف التقدم في بداية الشوط الثاني بهدف سعيد العويران، ثم رد فهد الهريفي بتقليص الفارق، وسجل ماجد عبد الله هدفاً قاتلاً للنصر بعدما حل بديلاً ليسدد من ركلة حرة في الدقيقة 45 ليلجأ الفريقان لوقت إضافي.

وجاء الهدف الثالث القاتل للشباب في الوقت الإضافي الثاني من خطأ دفاعي استغله عواد العنزي ليصعد بفريقه للنهائي، الذي فيه فاز على الاتفاق بركلات الترجيح، بعد التعادل 1-1 حيث سجل المهلل أيضا هدف فريقه لكنه نال بطاقة حمراء في تلك المواجهة.

خالد الشنيف

ثلاثية تاريخية

ما ميز تلك الحقبة للشباب ليس فقط الجيل التاريخي، لكنه أيضا استطاع أن يحصد تلك الألقاب الثلاثة من براثن وأنياب المنافسين الكبار، ففي الأولى هزم النصر والثانية النصر والاتفاق، والثالثة على حساب الهلال.

وفي الموسم الثالث، موسم 1992-1993، كانت صحوة الشباب مستمرة، ففي الترتبب النهائي المؤهل للمربع الذهبي، تصدر الهلال الجدول بـ 32 نقطة يليه الشباب 31 ثم الاتحاد 26 والاتفاق بنفس الرصيد.

وفي المربع الذهبي فاز الشباب على الاتفاق 4-2 وهزم الهلال غريمه الاتحاد بركلات الترجيح، ليكون نهائي عاصمي بين الشباب والهلال، فاز فيه الأول بركلات الترجيح أيضا بعد التعادل 1-1.

وفي ذلك الموسم استمر الشباب تحت القيادة الفنية البرازيلية ولكن للمدرب جينينهو الذي جاء خلفا لمواطنه لوري ساندري.

الهيمنة الشبابية على ألقاب الدوري لم تنته سوى بتفوق نصراوي في الموسم التالي 93-94، لكن يكفي الليوث كونه أول فريق يحصد اللقب 3 مرات متتالية في ذلك الوقت، في بداية معرفته بالألقاب.

اشترك الآن على شاهد للاستمتاع بأبرز مباريات دوري روشن السعودي