وصل صراع التتويج بلقب دوري روشن للمحترفين، إلى أقصى درجات المتعة، وذلك بعد تعادل الاتحاد مع جاره اللدود الأهلي، (2-2)، أمس السبت، في الجولة 26 من دوري روشن.

وما جعل الصراع أكثر حدة وشراسة، هو خسارة الهلال الوصيف أمام النصر الثالث، بنتيجة (1-3)، أول أمس الجمعة، لتصبح المنافسة على صفيح ساخن قبل 8 جولات من نهاية المسابقة.

الاتحاد يعتلي قمة الترتيب، برصيد 62 نقطة، متفوقا على الهلال بفارق 5 نقاط (57)، وخلفهما النصر (54)، والقادسية الرابع (52).

لقب حائر

كانت جميع المؤشرات تصب في صالح الاتحاد، ولكن نزيف النقاط في الجولات الأخيرة، جعله أكثر عرضة لخسارة اللقب، لأحد الأندية الثلاثة الأخرى، وخاصة الهلال والنصر.

الاتحاد تعثر في 4 من آخر 5 جولات في الدوري السعودي، حيث تعادل مع كل من الأخدود والخليج والقادسية والأهلي، واكتفى بفوز وحيد كان أمام الرياض (2-1).

في المقابل، تعرض الهلال لـ5 هزائم هذا الموسم، أمام أندية الخليج والقادسية والأهلي والاتحاد والنصر، وسقط في فخ التعادل 3 مرات أخرى، ليرفض هدايا الاتحاد.

أما بالنسبة للنصر، فقد تعثر 10 مرات، بالخسارة في 4 مناسبات والتعادل خلال 6 مباريات، حيث كانت أمامه العديد من الفرص للمضي قدما نحو القمة، ولكنه فرط في ذلك.

لكن بعد نتائج الجولة 26، أصبحت جميع احتمالات التتويج واردة، في ظل تذبذب مستوى الثلاثي.

حصان أسود

لا يمكن إغفال المستويات المميزة التي يقدمها القادسية هذا الموسم، حيث تفوق على كل من الهلال والنصر وتعادل مع الاتحاد.

ورغم أن القادسية بعيدا عن الترشيحات الأولية لتحقيق اللقب، لأن الفارق مع المتصدر يصل إلى 10 نقاط، إلا أنه ضمن الحسابات رقميا.



وحال استمرت ظاهرة نزيف النقاط من ثلاثي المقدمة، مع قدرة القادسية على تحقيق الانتصارات بصورة متتالية، فيمكنه الاقتراب من القمة، وتحقيق المفاجأة.

وما يدعم أحلام القادسية، هو امتلاكه عدة عناصر قادرة على صناعة الفارق، أمثال الجابوني بيير إيمريك أوباميانج والإسباني ناتشو فيرنانديز، بجانب المهاجم المكسيكي جوليان كينونيس.

سوء حظ

بخلاف الحديث عن النصر والهلال والقادسية، فإن الاتحاد يعاني من سوء حظ غريب، بسبب الإصابات المستمرة التي ضربت الفريق على مدار الموسم الجاري.

الاتحاد عانى في البداية من إصابة قوية، ضربت جناحه الفرنسي موسى ديابي، وأبعدته عن الملاعب لفترة طويلة، قبل أن يعود في النصف الثاني من الموسم.

وعلى مدار الموسم، ضربت صفوف الاتحاد إصابات متلاحقة، يبرز منها ما تعرض له البرتغالي دانيلو بيريرا وعبدالإله العمري، قبل أن يتمكنا من العودة.

فضلا عن الألباني ماريو ميتاي، الظهير الأيسر، المهدد بالغياب حتى نهاية الموسم، بالإضافة للهولندي ستيفن بيرجوين، حيث تأكد ابتعاده عن الملاعب من 4 أسابيع إلى شهر ونصف.

كذلك، عانى "العميد" من غياب الجزائري حسام عوار في بعض المباريات، بسبب إصابات عضلية مختلفة، ما تسبب في هبوط مستواه خلال عدة مناسبات.

هذا وبالإضافة، للإصابات المستمرة للجناحين عبدالرحمن العبود وعبدالعزيز البيشي، وهو ما يفقدهما رتم المباريات.



أما الضربة الكبرى، فتتمثل في مركز حراسة المرمى، بعد إصابة حارسه الأساسي، الصربي بريدراج رايكوفيتش، قبل أن يتعرض بديله محمد المحاسنة للإصابة في الديربي.

وأصبح الفرنسي لوران بلان، مدرب الاتحاد، مجبرا على الدفع بالحارس الشاب حمد الشنقيطي طوال الفترة المقبلة، وهو ما يصعب مهمة الحفاظ على قمة الترتيب.

فلسفة بلان

صحيح أن الفريق الاتحادي عانى من سوء حظ واضح، إلا أن بلان اعتمد على فلسفة غريبة، تسببت في هجوم جماهيري وإعلامي مستمر.

بلان أصبح يعتمد في الفترة الأخيرة على طريقة ثابتة (3-5-2)، دون أي تغيير في الأسلوب أو طريقة اللعب، رغم اختلاف المنافسين.

وأصبحت طريقة المدرب الفرنسي، محفوظة لأغلب الخصوم، حيث تمكن الألماني ماتياس يايسله، المدير الفني للأهلي، من فرض أسلوبه على الديربي بشكل واضح.

غير ذلك، فإن الاتحاد افتقد للشراسة الهجومية التي كان يتمتع بها في بداية الموسم، وأصبح صاحب ردة الفعل في أغلب المباريات، وهو أمر لا يليق بفريق ينافس على لقب بحجم دوري روشن.

كذلك، يعتمد بلان على قلب الدفاع حسن كادش بصورة مستمرة في الرواق الأيسر، رغم وجود معاذ فقيهي، الذي قدم مستويات جيدة، بقدر الفرص التي حصل عليها، وهو ما يسبب حالة من العقم الهجومي لهذه الجبهة.

وبسبب التراجع للخلف واللعب على المرتدات في أغلب الأحيان، عانى ثنائي الوسط نجولو كانتي وفابينيو من حالة إرهاق شديدة، نتيجة الركض بشكل مبالغ فيه خلف الكرة، مع القيام بأدوار تكتيكية أخرى، متمثلة في التغطية والارتداد.



ولا يقتصر الأمر على الطريقة والأسلوب فحسب، بل تطرق لبعض القرارات الفنية الغريبة، منها إشراك الشاب الإسباني أوناي هيرنانديز، بالتشكيل الأساسي للمرة الأولى خلال ديربي جدة، وهو ما تسبب في ظهوره بصورة ضعيفة، نظرا لصعوبة المباراة.

إضافة إلى ذلك، فإن بلان لا يجيد تطبيق مبدأ المداورة بين اللاعبين، ليتسبب في حالة إرهاق واضحة لأغلب النجوم، ما نتج عنه إصابات عضلية مستمرة.

اتجاه خاطئ

يحسب لإدارة الاتحاد، قدرتها على تدعيم الفريق بصورة ممتازة خلال فترة الانتقالات الصيفية الماضية، ولكن يبدو أنها لم تعلم أن "العميد" كان بحاجة لصفقتين على الأقل في الميركاتو الشتوي الأخير.

لوران بلان أكد في وقتٍ سابق أن "الاتحاد يمتلك مجموعة جيدة في مختلف المراكز"، ولكنه قال: "سأكون سعيدا إذا حصلت على لاعبين أفضل، الأمر يعود للإدارة الرياضية".

ورغم تلميحات بلان لرغبته في الحصول على صفقات جديدة، إلا أن الإدارة تجاهلت ذلك، ولم تبرم صفقات قوية بالميركاتو الشتوي، ليصل "العميد" إلى موقف لا يحسد عليه، بسبب الإرهاق والإصابات، وعدم توافر بدائل مناسبة.

وبالنظر لموقف الاتحاد حاليا، نجد أنه يتصدر ترتيب الدوري، وتأهل لنهائي كأس الملك، لكن "العميد" يعاني حاليا من فلسفة بلان الغريبة مع ظروف الإصابات والإرهاق، بالإضافة لرعونة الإدارة في الميركاتو الأخير.

وقد تتسبب هذه العوامل في منح المنافسين فرصة للانقضاض على القمة، وهو ما يجعلنا نتساءل (هل تبحر سفينة الاتحاد في الاتجاه الخاطئ؟).



اشترك الآن على شاهد للاستمتاع بأبرز مباريات دوري روشن السعودي