منذ انتقاله إلى ريال مدريد في صيف 2019 قادمًا من أولمبيك ليون، لم يسلم الفرنسي فيرلاند ميندي من الانتقادات، رغم كونه لاعبًا أساسيًا في تشكيلة الفريق.
ورغم تألقه في بعض الفترات، إلا أن نقاط ضعفه الواضحة أثرت على أداء الفريق في العديد من المباريات، سواء من حيث إضعاف الجبهة اليسرى هجوميًا أو ارتكاب أخطاء قاتلة في لحظات حاسمة.

ومع أكثر من 150 مباراة بقميص ريال مدريد، أثبت أنه لم يصل للمستوى المتوقع الذي يجعله من بين الأفضل في مركزه.

في مباراة الذهاب من الملحق المؤهل لثمن نهائي دوري أبطال أوروبا، التي جمعت بين ريال مدريد ومانشستر سيتي على ملعب الاتحاد، تعرض الظهير الأيسر الفرنسي فيرلاند ميندي لانتقادات حادة بسبب أدائه الكارثي.

ورغم فوز ريال مدريد بنتيجة 3-2، إلا أن ميندي كان أحد أبرز ثغرات الميرنجي.

في الدقيقة 13 من الشوط الأول، أتيحت لميندي فرصة ذهبية لافتتاح التسجيل، حيث وصلت الكرة إليه والمرمى شبه خالٍ، لكنه سددها بطريقة غير متقنة، مما سمح لمدافع مانشستر سيتي بإبعادها عن المرمى.

بالإضافة إلى ذلك، عانى ميندي من صعوبات في التغطية الدفاعية، خاصة أمام هجمات مانشستر سيتي من الجهة اليمنى. لم يتمكن من مجاراة سرعة وتحركات لاعبي السيتي، مما أدى إلى ترك مساحات استغلها الخصم في بناء هجماته.

غياب المساهمة الهجومية

واحدة من أكبر نقاط الضعف التي جعلت ميندي عرضة للانتقادات هي محدودية إسهاماته الهجومية.

 لطالما كان ريال مدريد يعتمد على أظهرة قادرة على تقديم الإضافة الهجومية وصناعة الفرص، كما كان الحال مع روبرتو كارلوس ومارسيلو، اللذين شكّلا جزءًا أساسيًا من خطط الفريق في العقود الماضية.

على العكس، يظهر ميندي كلاعب دفاعي بحت، غير قادر على صناعة الفارق في الثلث الأخير من الملعب.

وظهر الجانب السيء لميندي بضعف العرضيات، وقلة التمريرات الحاسمة، وعدم امتلاكه القدرة على التسديد بعيد المدى جعلته عبئًا على منظومة هجومية تعتمد كثيرًا على الأظهرة لتوسيع رقعة اللعب.

أخطاء قاتلة

إضافة إلى ذلك، ارتكب ميندي أخطاء فردية قاتلة في مباريات مهمة، أثرت بشكل مباشر على نتائج الفريق.

على سبيل المثال، في أكثر من مواجهة حاسمة، تسبب في فقدان الكرة في مناطق خطيرة، ما أدى إلى أهداف مباشرة في شباك الفريق.

في مباراة نصف نهائي دوري أبطال أوروبا 2022 ضد مانشستر سيتي، أخطأ في التغطية الدفاعية، مما سمح للخصم باستغلال المساحات خلفه والتسجيل.

كما أن بطئه أحيانًا في اتخاذ القرارات تحت الضغط يجعله هدفًا سهلًا للخصوم الذين يعتمدون على الضغط العالي.

إصابات متكررة

جانب آخر يثير القلق هو مشاكله البدنية وإصاباته المتكررة، حيث عانى اللاعب من عدة إصابات منذ انضمامه لريال مدريد، مما أثر على استمراريته وجعل الفريق يضطر للاعتماد على حلول أخرى في مركز الظهير الأيسر.

تعرضه المتكرر لإصابات في أوتار الركبة والفخذ جعله يغيب عن مباريات حاسمة، وأجبر الفريق على إجراء تغييرات تكتيكية لم تكن دائمًا ناجحة.

هذه المشاكل البدنية قللت من ثقة المدرب والجماهير في استمراريته كخيار أول في هذا المركز.

مركز حساس

من ناحية أخرى، يُعد مركز الظهير الأيسر في ريال مدريد واحدًا من المراكز التي لطالما ارتبطت بأسماء صنعت المجد للنادي.

البرازيلي روبرتو كارلوس، الذي لعب للفريق بين عامي 1996 و2007، يعد واحدًا من أعظم اللاعبين في تاريخ هذا المركز.

تميز بسرعته الهائلة وتسديداته الصاروخية التي سجل بها أهدافًا لا تُنسى، منها هدفه الشهير بقميص البرازيل ضد فرنسا من ركلة حرة عام 1997.

مع ريال مدريد، حقق 3 ألقاب دوري أبطال أوروبا، و4 ألقاب دوري إسباني، وكان عنصرًا رئيسيًا في نجاحات الفريق تحت قيادة المدربين الكبار مثل فيسنتي ديل بوسكي.

 لم يكن مجرد ظهير أيسر، بل كان جناحًا متقدمًا يشارك في صناعة وتسجيل الأهداف، مما جعل تأثيره على الفريق يفوق مجرد أداء دفاعي قوي.

وبعد رحيله، جاء البرازيلي مارسيلو، الذي انضم إلى ريال مدريد في 2007 واستمر حتى 2022، ليصبح القائد التاريخي للفريق وصاحب الرقم القياسي في عدد البطولات التي حققها بقميص الملكي.

مارسيلو تميز بمهاراته الفنية العالية، وقدرته على المراوغة، وصناعة الأهداف من الجانب الأيسر.

وساهم في تحقيق 5 ألقاب دوري أبطال أوروبا، و6 ألقاب دوري إسباني، وكان جزءًا من العصر الذهبي للفريق الذي حقق ثلاثية دوري الأبطال المتتالية تحت قيادة زين الدين زيدان.

 بفضل مهاراته الهجومية، كان مارسيلو يشكل تهديدًا دائمًا لدفاعات الخصوم، وكان يتمتع برؤية مميزة جعلته يصنع العديد من الأهداف الحاسمة.

رحيل حتمي

مع استمرار الجدل حول مستوى ميندي، حاولت إدارة ريال مدريد أكثر من مرة التخلص منه وبيعه في فترات الانتقالات، إلا أن المدرب كارلو أنشيلوتي تمسك ببقائه لاقتناعه به، لدرجة أن الإيطالي صرح سابقا أن ميندي هو أفضل ظهير أيسر في العالم.

ومع ذلك، يبدو أن رحيله بات حتميًا، خاصة مع بحث النادي عن ظهير أيسر أكثر تكاملًا يمكنه تقديم الإضافة الهجومية التي يفتقدها ميندي.

بعد سنوات من الاعتماد عليه، أصبح واضحًا أن ريال مدريد بحاجة إلى خيار جديد في هذا المركز، قادر على الجمع بين القوة الدفاعية والديناميكية الهجومية، وهو ما يجعل نهاية مشوار ميندي مع الفريق مسألة وقت لا أكثر.